الكربون..القاتل الصامت !
تحدث حتى أعرفك..كلمة ترددها للشخص الذي يجلس في صمت..
والمقولة السابقة لا تنطبق فقط على من هم من جنس آدم، بل في عالم الغازات كذلك..فهذا هو حال صديقنا..فهو هادئ إلى درجة القلق..إلى درجة تجعلك تتوقع كل شيء سيء إذا قرر هذا الشخص أن يحدثك عن نفسه.
انه أول أكسيد الكربون..الغاز الأكثر ُسمية في العالم..المسئول عن العديد من الوفيات سنوياً سواء كانت الوفاة عرضية أو انتحارية..
بطاقة تعارف
يعتبر غاز أكسيد الكربون وهو من الغازات السامة، وليس له طعم ولا لون ولا رائحة، وهو احد النواتج الأساسية لأي عملية احتراق(عادم السيارات أو غاز الفحم) وعند استنشاقه ودخوله إلى الرئتين يتحد مع الهيموجلوبين في كريات الدم الحمراء بدلا من الأكسجين.
وعندما يعود الدم من الرئتين إلى الخلايا يكون حينها محملا بأول أكسيد الكربون الذي لا يصلح لحرق السكر وإطلاق الطاقة مثل الأكسجين، ولا تستطيع الخلية معه أن تقوم بوظائفها الحيوية فتتأثر وقد تموت.
وقد ينتج عن عملية الاحتراق هذه غاز آخر نعرفه جيداً هو ثاني أكسيد الكربون الذي لا يستطيع أن يطرد الأكسجين كقرينه بشكل كامل.
ولكن من الذي يحدد الضيف الثقيل إن كان أول أو ثاني الكربون؟
الإجابة ببساطة هو..أنت، لأنك أنت من تتحكم في نسبة الأكسجين في المكان..ولكن كيف؟
عند احتراق المواد في جو لا يحتوي على كمية كافية من الأكسجين، يتكون أول أكسيد الكربون، أما عند توفر كمية كافية من الأكسجين فيتكون ثاني أكسيد الكربون، الذي هو أقل ارتباطاً بالهيموجلوبين من أول أكسيد الكربون..لذا من المهم اتخاذ الحذر عند التعامل مع أي مكان به حريق أو معرض للحرارة شديدة قد تؤدى لنشوب الحريق.
احذر من الكربون
وأهم مصادر أول أكسيد الكربون المعروفة هي الحطب أو مشتقات البترول عموما، مثل الكيروسين والغاز ووقود المركبات، وكذلك أثناء تدخين السجائر..وأشهر أعراضه تتطور بداية من الصداع الى الدوار والقيء وخلل البصر الى الغيبوبة التي قد تفضي الى الموت إذا لم تتم الإسعافات في أقل من ساعة.
وهنا تكمن خطورته فكل هذه الأعراض قد تظهر فجأة أو تتدرج في اقل من ساعة، ودائما ما يضرب المثل بالحرائق الكبرى فيكون هناك عدد كبير ممن لا يستطيعون المشي، والجميع يصرخ وشخص يقف بعيد ويظهر عليه الإعياء ويمشى ببطء ولا يستطيع التحدث، فيعتقد الأغلب انه مجرد إرهاق وتأثر في الحادث في حين يكون هناك احتمال 90% انه يتعرض لاحتراق تنفسي نتيجة استنشاق أول أكسيد الكربون بنسبة كبيرة.
أما أكثر المتضررين من التعرض لأول أكسيد الكربون هم الأشخاص الذين يعانون أمراضا تنفسية كالربو وغيره، خصوصاً الأطفال وكذلك كبار السن من المصابين بأمراض مزمنة أخرى كفقر الدم أو أمراض القلب والأمراض التنفسية وغيرها
يرحم احيانا
برغم كل هذه السُمية والرغبة في القتل، وهذه الشراهة للخداع والقتل في صمت، يوجد داخله هذا الغاز نقطة بيضاء..
فأول أكسيد الكربون يمكن أن يمنع مضاعفات الحمل، ويمنع موت خلايا المشيمة وأن يمثل أساسا لعلاج أعراض ما قبل التشنج الحملى.
ولكن استخدام أول أكسيد الكربون كعلاج لا يزال أمرا أمامه سنوات كثيرة لأنه يتعين عليهم تحديد معدلات الغاز الآمنة التي لا تمثل تهديدا على نمو الأجنة بالإضافة إلى التوصل لأفضل طريقة لإعطائه للام.
الخميس مارس 06, 2008 10:35 am
